Monday, February 4, 2008

ابن العجوز


ايام الطفولة، كنا اذا ما اقدمنا على فعل شائن امام الملأ، واذا ما مارسنا سلوكا ضد العرف وضد التقاليد على الاقل - من وجهة نظر الاهل - كنا نشبه بسولافة «ابن العجوز» سيىء الصيت.

في تلك الايام لم نكن نكترث بتفاصيل الحكاية، المهم انها تشبيه سيىء للظهور السلبي، وخيبة امل، ووصفة اجتماعية قاسية تصرف للمستفيد الاول.. لكن عندما كبرنا صرنا نسأل عما قام به بطل الحكاية لنعرف سر هذا التشبيه المولود معنا والملتف على تصرفاتنا مثل الحبل السري..

تتلخص حكاية «ابن العجوز» حسب الرواية الشعبية. ان هناك عجوزا قد افنت عمرها بتربية ولدها الوحيد، تخاف عليه، تعلق التمائم والخرزات الزرقاء على صدره، تخصه بالبيض البلدي، وبقوانص الدجاج، و«قرص العجة» و«حلو النعنع».. بشكل يومي، كيفما يقوم «اسم الله عليك» كيفما ينام «اسم الله عليك» كيفما يتثاءب «اسم الله عليك»، المهم تربى الولد على الدلال والكسل وانخفاض الهمة، صار شابا.. لكنه بقي خامل الصيت، لا احد يعرف عنه شيئا، لم ينقل عنه موقف، ولم يذكره اي من اهل القرية «لا بمليح ولا بقبيح».. ذات مساء، قالت الام لابنها: يمه لا تظلك هيك «خمعه» بدي ارفع راسي فيك، بدي كل الناس تسولف عنك؟ رفع الولد سرواله الى ما فوق السرة وقال: ابشري يمه..

في الصباح الباكر توجه الى عين الماء وأمام كل نساء القرية «بال» قرب العين ورفع سرواله من جديد ورجع الى امه العجوز، مناديا من البوابة: ارفعي رأسك.. «عملتها يمه، عملتها».. زغردت العجوز بلسانها البالي حتى كاد يسقط طقم اسنانها مرددة: عفية الشاطر، عفية النشمي.. بينما انتشر الخبر بالقرية وبالقرى المجاورة ان ابن العجوز «بال» بالعين. وهكذا اصبح الفتى خامل الصيت ذائع الصيت الى يومنا هذا دون ان يهتم لأي نوع من انواع الشهرة قد اخذته فعلته.

بين الفترة والاخرى، يتقمص احد الاشخاص دور ابن العجوز، واحيانا تلعبه بعض التنظيمات، حتى غدت سياسة واسلوبا سهلا لجني الشهرة العالية


No comments: